قال نابليون بونابرت ” الجنرال الذي يرى بأعين الآخرين ليس قادرا على قيادة دولة “
آمن نابليون بمبدأ القائد الفردي، القائد الواحد، القائد الفذة، القائد الذي تؤول اليه جميع القرارات، كما آمن بهذه النظرية الكثير من القادة السياسيين والعسكريين وحتى رجال الاعمال قديما وحديثا.
هذه الرؤية الهرمية التي تؤمن ان القرار يُتخذ من شخص واحد في أعلى الهرم، ويسري قراره على كافة المنتسبين في مجموعته سواء كانت القيادة في أصغر الأماكن كالعائلة او المؤسسة او حتى قيادة الدولة. بحيث يتحمل الفرد المسئول تبعات نجاح هذه القرارات من فشلها، وغالبا ما يطلق على هذه القيادة بالبيروقراطية او الدكتاتوري في الادارة.
ولكن مع بداية خمسينيات القرن العشرين بدأ العلماء في كل من العلوم الاجتماعية والعلوم البشرية والسياسة بالحديث عن مفهوم آخر من القيادة وهي القيادة التشاركية او القيادة المشتركة، والتي تعني باختصار ان يكون هنالك أكثر من شخص مسئول عن اتخاذ القرارات.
هذه القيادة التي لا تحتكر إدارة المواقف والقرار ات لشخص واحد بل قد يكون هنالك شخصين او أكثر لهم الصلاحية في القيادة والادارة.
الفكرة التي تتبناها هذه المنهجية التشاركية، انه عند اتخاذ القرارات لا بد وأن تكون العملية تفاعليه مشتركة بين أكثر من شخص من خلفيات عملية وعلمية ومعرفية مختلفة.
المؤمنون بهذه المنهجية يعتقدون ان لكل شخص سمات وقدرات ومهارات معينة ومختلفة، تتكامل فيما بين الاشخاص، فليس هنالك شخص واحد خارق يمتلك من المهارات والخبرات والسمات الفريدة التي تؤهله للقيادة بمفرده، بهل ان عليك أن تتشارك مع أكثر من شخص في اتخاذ القرار لتتيح المجال لمساحة أكبر وتنوع اكثر للمهارات والقدرات التي من خلالها يمكن ان تحلل الوضع بطريقة مختلفة و تجعل الرؤية شمولية أكثر. كما وتساعدهم على اتخاذ القرار الانسب لصالح المؤسسة او الجهة المعنية.
لذلك نلاحظ اليوم وفي الكثير من المؤسسات ان هنالك مجلس إدارة او إدارة عليا من مختلف التخصصات من ذات المؤسسة، يتشاركون سويا في صياغة وصناعة الاستراتيجيات والخطط التشغيلية لها. وان مفهوم القائد صاحب الخيار الاوحد بدأت تُهاجم في الكثير من المؤسسات التي لازالت تمارسها.
ولكن وبالرغم من التقديم الكبير في هذا المجال، الا أن النموذج النابليوني الفردي في القيادة لازال موجودا في الكثير من المؤسسات سواء الحكومية او حتى القطاع الخاص، لازال المدير او المسؤول يعتقد انه هو فقط صاحب القرار النهائي، وإن اختلف قراره مع كل الفريق، ويعتقد ان من صلاحياته فرض رايه على الاخرين، وحق من حقوقه كمسؤول التي لا يتنازل عنها.
لذلك نرى التخبط الكبير والتأخر النمائي والابتكاري داخل مؤسساتنا اليوم، وسوء العلاقة بين الموظف والمسؤول وأحد أسباب ذلك ، القيادية النابليونية للقائد الواحد.
بشرى الهندي
متخصصة في رفاهية الموظفين